جمعية حقوق المطلقات
باتت السعودية بلد رقماً قياسياً للمطلقات، مما يخولهن لتأسيس جمعية حقوقية خاصة بهن، وبأولادهن وبناتهن بعد أن اتضح استعجال الرجل السعودي في تهشيم بيته بيده، وقدرته على رمي ذريته في أحضان أسرة زوجته، من دون الالتزام تجاههم بمسؤوليات تربوية أو مالية.
حيازة وجبة سريعة تأخذ زمناً وانتظاراً أطول بكثير من إجراءات طلاق في محكمة، بينما النطق به أقصر بكثير من مما يحتاج إليه المعلق الرياضي «فارس عوض» لتكرار كلمة «قول» أثناء تعليقه على مباراة كرة قدم، في حين حدوث طلاق بين زوجين للمرة الأولى أو الثانية في حياتهما الزوجية أكثر شبهاً بصد العارضة لكرة طائشة.
تحاول السعودية منذ زمن البحث عن صيغة تمنح الطلاق صيغة غير شفهية، وتخضعه إلى إجراءات ورقية ونظامية من خلال إنشاء آليات إجرائية تخفف من سرعة نفاذ الطلاق، وكان الجسم الإفتائي في السعودية سباقاً إلى توسيع دائرة المراجعات والاسترداد من أجل حماية الأسرة من تفكك وضياع، لكن ذلك ساعد في استسهال الرجال للطلاق وممارسته عند غالبيتهم كأحد أنواع القسم.
وقعت الفاس في الرأس، وأصبح ٢٥ في المئة من حالات الزواج تنتهي بطلاق سريع في سنتها الأولى، في حين السنوات الخمسة التالية تزيد من النسبة، في حين وجود أولاد من عدمه ليس بالعامل المؤثر في تقليص دائرة المطلقات.
تكاثرت وتشابهت مآسي المطلقات، وتشابُه الإشكالات يعني السعي لإيجاد منظومة قوانين حامية وضامنة لحقوق النفقة، رد اعتبار نفسي ناتج من إهانات لفظية أو عنف جسدي تعرضن له، كذلك أولويات قصوى للتوظيف، ارتكاناً إلى تورطهن برعاية أطفال، وهو ما يستوجب وجود مظلة حقوقية تحمي المطلقات من مخاطر قبل الطلاق أو بعده.
تنال وثيقة الطلاق مسمى «صك»، وهي كلمة يتم استخدامها في وثيقة ملكية قطعة أرض، وكلتاهما تصدر من ١٤١ بيتاً قضائياً يحمل مسمى «كتابة عدل» المهتمة في الوقت ذاته بالنظر في مجالات أخرى، وهو ما يعني دخول «الطلاق» تحت مظلة كيان إجرائي ليس من مهامه تذكير الرجل أنه يهدم بيتاً.
تواجه المطلقات حظوظ تكرار مرارة التجربة في حال قبولها الزواج برجل متزوج بسيدة أو أكثر، بينما يشير وزير العدل السعودي -وفق تصريحات سابقة - إلى أدوار محمودة تقوم فيها «مراكز المصالحة» في خفض نسبة الطلاق سعودياً خلال السنوات الثلاث الماضية.
يوجد تقريباً في كل بيت سعودي مطلقة، جملة إثباتها أسهل من نفيها، ويوجد في كل مطلقة مأساة يصعب تطبيبها نفسياً، أو معالجتها مالياً، أو الادعاء بأن القضاء ومؤسسات الدولة استطاعت حماية كل المطلقات من تلاعب زوجها في النفقة تعجيل إنجاز معاملة الطلاق، فمعظم المطلقات عشْن سنوات من دون قدرتهن على حيازة «صك الطلاق»، وهي في الوقت نفسه وثيقة تمنحها حق الاستفادة من برامج إعالة مالية متعددة تقدمها الدولة. توجد «دناءة نفس وفعل» لدى غالبية الأزواج السعوديين أثناء ارتكابهم حماقة طلاق، ويتحول إلى مصدر إزعاج دائم لطليقته، لا ينقذها منه إلا محاكم، أو مبلغ يأخذه من أهل زوجته، مسبوقاً بالتنازل عن مؤخر العقد، ومن ثم فإن تأسيس جمعية حقوقية لحماية المطلقات ومساعدة الدولة في ترقية قوانين وإجراءات يمنحنا مجتمع أكثر تحضر.
الكاتب خالد الفاضلي
من مجلة الحياة