فوائد علمية من سورة ( الطلاق ) آمل الاستفادة منها
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام علي رسول الله .
وبعد

فهذه بعض الفوائد من سورة ( الطلاق ) سأذكرها فائدة فائدة ، و أسأل الله تعالى أن تكون مفيدة لإخواني وفقهم الله .


المسألة الأولى : سبب نزول سورة الطلاق

في سبب نزول سورة الطلاق عدة أقوال :

القول الأول : أنها نزلت حين طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قاله أنس بن مالك رضي الله عنه . ( 1 )

استدل هذا القول بما يلي :

ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } فقيل له راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من أزواجك في الجنة ) ( 2 )

وما رواه عاصم بن عمر رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر بن الخطاب ثم ارتجعها ) ( 3 )

قال ابن كثير : ( وقد ورد من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها ) . ( 4 )

القول الثاني : أنها نزلت في عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : وذلك أنه طلق امرأةً له حائضا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يُراجعها ثم يُمسكها حتى تطهر ، وهذا القول قال به السدي .

استدل هذا القول بما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : ( أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عُمر بن الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مُرهُ فليراجعها ثم يُمسكها حتى تطهُر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعدُ وإن شاء طلق قبل أن يَمسَّ ، فتلك العدة التي أمر الله أن يُطلق لها النساء } . ( 5 )


القول الثالث : أنها نزلت في أبي ركانة .
بدليل ما رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : ( طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة ، ثم نكح امرأةً من مُزينة ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ما يُغـني عني إلا ما تُغني عني هذه الشعرة – لشعرة أخذتها من رأسها – فأخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم حميةٌ عند ذلك فدعا ركانة و إخوته ، ثم قال لجلسائه : { أترون كذا من كذا ؟ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد : { طلقها } ففعل ، فقال لأبي ركانة : { ارتجعها } فقال : يارسول الله إني طلقتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قد علمت ذلك فارتجعها } فنزلت : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } .
أخرجه بهذا اللفظ الحاكم في مستدركه وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ( 6 )

والصحيح أن هذا القول ضعيف جدا .

ففي إسناده :محمد بن عُبـيدالله بن أبي رافع .

قال البخاري فيه : ( منكر الحديث ) .

وقال ابن معين : ( ليس بشيء هو وابنه معمر ) ( 7 )

وقال أبو حاتم الرازي : ( ضعيف الحديث منكر الحديث جدا ذاهب ) ( 8 )

وقال ابن عدي : ( كوفي ، ويروي عنه الكوفيون وغيرهم ، وهو في عِداد شيعة الكوفة ، ويروي من الفضائل أشياء لا يُتابع عليها ) ( 9 )

وضعفه أيضا الدارقطني .( 10 ) والعـقيلي .( 11)

وقال الذهبي : ( ضعفوه ) ( 12 )

وقال الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك : ( محمد بن عبيد الله بن أبي رافع واهٍ ، والخبر خطأ ، عبد يزيد لم يُدرك الإسلام ) . ( 13 )


القول الرابع : أنها نزلت في عبدالله بن عمر ، أو عبدالله بن عمرو ، وعيينة بن عمرو ، وطفيل بن الحارث ، وعمرو بن سعيد بن العاص .
وليس لهذا القول دليل ، ذكر هذا القول ابن العربي المالكي وضعفه . ( 14 )


القول الخامس : أنه لا يوجد سبب نزول لهذه الآيات الكريمة ، وإنما نزلت لبيان شرع مُبتدأ ، ذكر هذا القول الإمام أبو بكر بن العربي وصححه قائلاً : ( والأصح فيه أنها بيان لشرع مُبتدأ ) ( 14 )

قال الإمام محمدالأمين الشنقيطي : ( وعلى كل حال فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم ) ( 15 )

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

المسألة الثانية : متى نزلت هذه السورة ؟

أجمع أهل العلم بالتفسير أن سورة الطلاق نزلت بالمدينة ، وأن السورة بكاملها مدنية .

أخرج ابن الضريس وابن النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : ( نزلت سورة الطلاق بالمدينة )

وقد ورد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يُسمي سورة الطلاق أيضا ( بسورة النساء القـُصرى ) أي القصيرة ، وذكر أنها نزلت بعد سورة البقرة .

بدليل مارواه البخاري في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :( لنزلت سورة النساء القـُصرى بعد الطولى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . ( 16 )

قال الحافظ ابن حجر : ( أي سورة الطلاق بعد سورة البقرة ) ( 17 )

ورى النسائي من طريق : زهير ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، ومسروق ، وعَبيدة ، عن عبدالله : ( أن سورة النساء القـُصرى نزلت بعد البقرة ) ( 18 )

وروى أيضا من طريق : شـَرِيك ، عن أبي إسحاق ، عن عبدالرحمن بن يزيد : أن ابن مسعود قال : ( القـُصرى نزلت بعد سورة البقرة { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } ( 19 )



              للأمانه منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول